الدنيا

يولد الانسان بغير جيب ولارصد ولا حساب بنكي ولا امكانيات .. يأتي الى الدنيا فارغ اليدين لاحول له ولا قوه حتى اذا فتح عليه الرزاق ورزقه من عطائه ظن ان الدنيا خلود مخلد وجمال لا يتبدد فركن واطمئن لها فكم من اناس تطويهم الدنيا دموعا وتغريهم السنين جراحا كانوا يظنون ان الدنيا تدين لهم بالولاء مدى حياتهم وانها ستظل لهم معطاءه وكم من شيوخ انحنت ظهورهم وابيضت شعورهم وتبدلت نضره شبابهم كانوا جميعا فتيانا صفقوا للدنيا وتبادلوا معها ورود الامل اخفت عنها رعونتها وقدمت لهم زينتها وزخرفها وامسكوا وعضوا عليها بالنواجذ ومضت بهم او مضوا بها حتى ناح اليمام على شبابهم وراحت معها الاماني ووجدوا انفسهم يمسكون بالهواء بعد ان تركتهم غير ابهه بأمنياتهم واحلامهم وكما قال الشافعي
فكم من صحيح مات من غير علة
و كم من سقيم عاش حينا من الدهر
و كم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا
و قد نسجت أكفانه في الغيب و هو لا يدر
و كم من عروس زينوها يوم العرس
و قد زفت روحها ليلة البدر
.. انها الدنيا قال عنها الله سبحانه وتعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "مالي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب اَسْتَظَلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها"و قال لعبد الله بن عمر: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" ويروى ان نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاه قيل له كيف رائيت الدنيا وهو الذى عاش نحو الف وتسعمائة وثمانين عام قال(كبيت له بابان دخلت من احدهما وخرجت من الاخر) وقال المسيح عنها ( الدنيا قنطره فعبروها ولا تعمروها ) وقال عنها عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً ، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةً ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ " . وقال احد الصالحين( الدنيا اذا حلت اوحلت ..واذا كست اوكست ..واذا جلت اوجلت ..واذا اينعت نعت .. واذا جفت اوجفت !!!؟وكم من قبور تبنى وما تبنى ...وكم من مريض عدنا وما عدنا ..وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات!!!!!)وقال عنها وهب (انما الدنيا والاخرة كرجل له امراتان اذا رضى احدهما اسخط الاخرى) وقال عنها يحيى بن معاذ الدنيا خمر الشيطان من سكر منها فلا يفيق الافي عسكر الموتى نادما بين الخاسرين) هذه هي الدنيا وسوف تكون نواميس ونظم وكلها من سنن الخالق عز وجل والسعيد من تحصن بربه وليس السعيد فقط بل والشجاع ايضا كما قال فولتر ( اشجع الناس من قاوم هوى نفسه وحبسها عن الدنيا ) فالدنيا من الدنو والدنو هو الشئ الهابط قاعه هوان وسقفه غير صحيح البنيان فالذى يتخذ من الدنيا ثوب يرتديه يلتحف بالطل ويستحلب الحصى فالدنيا ضحكاتها وداع ووعودها هراء ولأن اقسمت فقسمها محض افتراء ولأن اسالت دموعها فهي دموع كاذبه لاتصدقها

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • Twitter
  • RSS